فصل: فصل: (قد تجمع العرب شيئين في كلام فيرد كل واحد منهما إلى ما يليق به):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدهش في المحاضرات (نسخة منقحة)



.فصل:(قد تأتي كلمة إلى جانب كلمة كأنها معها وهي غير متصلة بها):

وقد تأتي بكلمة إلى جانب كلمة كأنها معها وهي غير متصلة بها، في القرآن: {يريد أن يُخرجكم من أرضكم}، هذا قول الملأ فقال فرعون: {فماذا تأمرون}، ومثله: {أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين}، فقال يوسف: {ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب}. ومثله: {إن الملوك إذا دخلوا قريةً أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة}، انتهى قول بلقيس، فقال الله عز وجل: {وكذلك يفعلون}. ومثله: {من بعثنا من مرقدنا}. انتهى قول الكفار، فقالت الملائكة: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.

.فصل: (قد تجمع العرب شيئين في كلام فيرد كل واحد منهما إلى ما يليق به):

وقد تجمع العرب شيئين في كلام فيرد كل واحد منهما إلى ما يليق به، وفي القرآن: {حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب}. والمعنى يقول المؤمنون {متى نصر الله}، فيقول الرسول: {ألا إن نصر الله قريب}. ومثله: {ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله}. فالسكون بالليل وابتغاء الفضل بالنهار. ومثله: {وتعزروه وتوقروه وتسبحوه}، فالتعزير والتوقير للرسول والتسبيح لله عز وجل.

.فصل: (قد يحتاج بعض الكلام إلى بيان، فيبينونه متصلًا بكلام تارة، ومنفصلًا أخرى):

وقد يحتاج بعض الكلام إلى بيان، فيبينونه متصلًا بكلام تارة، ومنفصلًا أخرى. وجاء القرآن على ذلك.
فمن المتصل بيانه: {يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات}. وأما المنفصل: فتارة يكون في السورة، كقوله في براءة: {قد نبأنا الله من أخباركم} بيانه فيها عند قوله: {لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالًا}.
وتارة يكون في غير السورة كقوله في البقرة: {وأوفوا بعهدي أوفِ بعهدكم}، بيانه في المائدة: {لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضًا حسنًا لأكفرن عنكم سيئاتكم}.
وفي سورة النساء: {يخادعون الله وهو خادعهم}، بيانه في الحديد: {قيل ارجعوا ورائكم فالتمسوا نورًا}.
وفي الأعراف: {وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا كاذبين}، بيانه في تبارك: {قد جاءنا نذير فكذبنا}.
وفي الأعراف: {أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب}. بيان النصيب في الزمر: {ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة}.
وفي الأعراف: {وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا}. بيانها في القصص: {ونريد أن نمن}.
وفي براءة: {إلا عن موعدة وعدها إياه}، بيانها في مريم: {سأستغفر لك ربي}. وفي يونس: {وتذكيري بآيات الله}، بيانها في نوح: {ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقًا}.
وفي يونس: {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، بيانه في حم السجدة: {تنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا}.
وفي إبراهيم: {أولم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال}، بيانه في النحل: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت بلى}.
وفي إبراهيم: {وتبيَّن لكم كيف فعلنا بهم}، بيانه في العنكبوت: {فمنهم من أرسلنا عليه حاصبًا ومنهم من أخذته الصيحة}.
وفي النحل: {وعلى الذين هادوا حرَّمنا ما قصصنا عليك من قبل}، بيانه في الأنعام: {حرمنا كلَّ ذي ظفر}.
وفي بني إسرائيل: {ويدعو الإنسان بالشر}، بيانه في الأنفال: {فأمطر علينا حجارة من السماء}.
وفي بني إسرائيل: {لأحتنكنَّ ذريته إلا قليلًا}، بيانه في الحجر: {إلا عبادك منهم المخلصين}.
وفي مريم: {ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين}، بيانه في بني إسرائيل: {واستفزز من استطعت منهم}.
وفي طه: {فقولا له قولًا ليِّنًا}، بيانه في النازعات: {هل لك إلى أن تزكَّى}.
وفي طه: {ولم ترقُبْ قولي}، بيانه في الأعراف: {اخلُفْني في قومي}.
وفي النمل: {فإذا هم فريقان يختصمون}، بيان خصومتهم في الأعراف: {إن صالحًا مرسلٌ من ربه}.
وفي الأحزاب: {هذا ما وعدنا الله ورسوله}، بيان الوعد في آل عمران: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولمَّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم}.
وفي الصافات: {ولقد نادانا نوح}، بيانه في القمر: {إني مغلوب فانتصر}.
وفي الصافات: {فحقَّ علينا قول ربنا}، بيانه في (ص): {لأملئنَّ جهنم}.
وفي الصافات: {ولقد سبقت كلمتنا}، بيانه في المجادلة: {لأغلبن أنا ورسلي}. وفي المؤمن: {أمَتَّنا اثنتين وأحييتنا اثنتين}، بيانه في البقرة: {وكنتم أمواتًا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم}.
وفي المؤمن: {يوم التنادي}، بيانه في الأعراف: {ونادى أصحاب الجنة}، {ونادى أصحاب النار}.
وفي المجادلة: {فيحلفون له كما يحلفون لكم}، بيانه في الأنعام: {واللهِ ربنا ما كنا مشركين}.
وفي (ن): {إذ نادى وهو مكظوم}، بيانه في الأنبياء: {أن لا إله إلا أنت}.

.فصل: (قد تذكر العرب جواب الكلام مقارنًا له، وقد تذكره بعيدًا عنه):

وقد تذكر العرب جواب الكلام مقارنًا له، وقد تذكره بعيدًا عنه وعلى هذا ورد القرآن.
فأما المقارن من الجواب فقوله: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس}، {يسألونك ماذا ينفقون قل العفو}.
وأما البعيد فتارة يكون في السورة، كقوله في الفرقان: {ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق}، جوابه فيها: {وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلاَّ أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق}.
وتارة يكون في غير السورة، كقوله تعالى في الأنفال: {لو نشاء لقلنا مثل هذا}، جوابه في بني إسرائيل: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله}.
وفي الرعد: {ويقول الذين كفروا لست مرسلًا}، جوابه في يس: {إنك لمن المرسلين}.
في الحجر: {إنك لمجنون}، جوابه في (ن): {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}.
في بني إسرائيل: {أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفًا}، جوابه في سبأ: {إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفًا من السماء}.
في الفرقان: {قالوا وما الرحمن}، جوابه: {الرحمن علم القرآن}.
في (ص): {واصبروا على آلهتكم}، جوابه في حم السجدة: {فإن يصبروا فالنار مثوى لهم}.
في المؤمن: {وما أهديكم إلا سبيل الرشاد}، جوابه في هود: {وما أمر فرعون برشيد}.
في الزخرف: {لولا نُزِّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم}. جوابه في القصص: {وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة}.
في الدخان: {ربنا اكشف عنا العذاب}، جوابه في المؤمنين: {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر}.
في القمر: {أم يقولون نحن جميع منتصر}. جوابه في الصافات: {ما لكم لا تناصرون}.
في الطور: {أم يقولون تقوَّلَه}، جوابه في الحاقة: {ولو تَقَوَّل علينا بعض الأقاويل}.

.فصل: (لغة العرب واسعة ولهم التصرف الكثير):

واعلم أن لغة العرب واسعة ولهم التصرف الكثير فتراهم يتصرفون في اللفظة الواحدة بالحركات، فيجعلون لكل حركة معنى كالحمل والحمل والروح والروح.
وتارة بإعجام كالنضح والنضخ، والقبضة والقبصة، والمضمضة والمصمصة.
وتارة يقلبون حرفًا من كلمة ولا يتغير عندهم معناها، كقولهم: صاعقة وصاقعة، وجبذ وجذب، وما أطيبه وأيطبه، وربض ورضب، وانبض في القوس وانضب، ولعمري ورعملي، واضمحل وامضحل، وعميق ومعيق، وسبسب وبسبس، ولبكت الشيء وبلكته، وأسير مكلب ومكبل، وسحاب مكفهر ومكرهف، وناقة ضمرز وضرزم: إذا كانت مسنة، وطريق طامس وطاسم، قفا الأثر وقاف الأثر، وقاع البعير الناقة وقعاها، وقوس عطل وعلط: لا وتر عليها، وجارية قتين وقنيت: قليلة الدر، وشرخ الشباب وشخره: أوله، ولحم خنز وخزن، وعاث يعيث وعثى يعثى: إذا أفسد، وتنح عن لقم الطريق ولمق الطريق، وبطيخ وطبيخ، وماء سلسال ولسلاس، ومسلسل وملسلس إذا كان صافيًا. ودقم فاه بالحجر دمقه: إذا ضربه، وفثأت القدر وثفأتها: إذا سكنت غليانها، وكبكبت الشيء وبكبكته: إذا طرحت بعضه على بعض.

.فصل: (العرب تضع للشيء الواحد أسماءً من غير تغير يعتريه):

ومن سعة اللغة وحسن تصرفها، أن العرب تضع للشيء الواحد أسماءً من غير تغير يعتريه.
فيقولون السيف والمهند والصارم.
ويغيرون الاسم بتغيير يعتري فيقولون لمن نزل بالركي يملأ الدلو مايح، وللمستقي من أعلاها ماتح، فالتاء المعجمة من فوق لمن فوق، والياء المعجمة من تحت لمن تحت.
وتضع العرب للشيء الواحد أسماء تختلف باختلاف محاله فيقولون لمن انحسر الشعر من جانبي جبهته أنزع، فإذا زاد قليلًا قالوا: أجلح، فإذا بلغ الانحسار نصف رأسه قالوا: أجلى وأجله، فإذا زاد قالوا: أصلع، فإذا ذهب الشعر كله قالوا: أحص، والصلع عندهم ذهاب الشعر، والقرع ذهاب البشرة. ويقولون شفة الإنسان، ويسمونها من ذوات الخف: المشفر ويسمونها من ذوات الظلف: المقمة، ومن ذوات الحافر: الجحفلة، ومن السباع: الخطم، ومن ذوات الجناح غير الصايد: المنقار، ومن الصايد: المنسر، ومن الخنزير: الفنطسة.
ويقولون صدر الإنسان، ويسمونه من البعير الكركرة، ومن الأسد الزور، ومن الشاة القص، ومن الطائر: الجؤجؤ، ومن الجرادة: الجوشن.
والثدي للمرأة وللرجل: ثندؤة، وهو من ذوات الخف: الخلف، ومن ذوات الظلف: الضرع، ومن ذوات الحافر والسباع: الطبي.
والظفر للإنسان وهو من ذوات الخف: المنسم، ومن ذوات الظلف: الظلف، ومن ذوات الحافر: الحافر، ومن السباع والصائد من الطير: المخلب، ومن الطير غير الصائد والكلاب ونحوها: البرثن، ويجوز البرثن في السباع كلها.
والمعدة للإنسان بمنزلة الكرش للأنعام، والحوصلة للطائر.